Thursday, October 4, 2012

الذوق العام والهيكل الإجتماعى



 نعم الذوق العام يبدأ من القمم ثم يتسسلل،لأن الناس يقلدون الذين هم ( فوق) .
فى القمم الأجتماعية، نجد الأسرة على الشاطئ مثلآ لابد أن يأتيها الطعام كاملآ يقدمه السفرجى فى ثيابه الزاهية ! الشاطئ ليس مطعمآ ولا صالونآ ولكنه رياضة وراحة وبساطة .
إنه ليس مكانآ لخلع الثياب ، بل لخلع التكلف والمظاهر والعقد النفسية  ورموز التفوق الاجتماعى . ولكن لا أحد يفعل هذا...
ومن يأتون بعدهم فى الطابور الاجتماعى ،يقلدون ، حسب قدرتهم بالطبع ، ولكن جوهر الفكرة البعيدة عن فكرة الشاطئ والراحة والتغيير والتخفف هو نفس جوهرها ، وإن إختلفت ترجمته من طبقة إلى طبقة.
فى القمم الاجتماعية توجد الرغبة فى الشعور بأنهم فوق القانون ، حتى ولو كان القانون لدفع قروش لدخول الشاطئ ..
ولكن التسهيلات والبطاقات المجانية تصرف لهم ،
فيشعر من بعدهم أنهم مظلومون لو احترموا القانون ودفعوا ، ويشعرون أن مخادعة القانون نوع من استرداد الحق ، وهكذا تكسر السلسلة ..فى القمم الاجتماعية ينتشر شعور الأنانية ، وبأن امتيازاتهم تنفذهم من مشاكل الجماهير العادية ، فتقع مئات التصرفات فى العمل والشارع والبيت تترك أثرها فى ضمير الموطن العادى ويشعر أنه مرة أخرى مغبون ، فيكون رد فعله إما رفض القواعد ، خرقها أحيانا 
وتحدى الذوق العام ، بالألفاظ النابية مثلآ كنوع من النكاية الخفية التى يقدر على كبح جماحها فى نفسه
................................................................................


قد يتبادر إلى ذهنك فى الوهلة الأولى وأنت تقرأ هذا المقال أنه وليد اللحظة وأنه كتب بالأمس على الأرجح
ولكن الحقيقة أنه كتب فى ديسمبر لعام 1974 .. مايقارب الأربع عقود !!..
وهذا إن دل على شىء يمكن أن يكون لرؤية الكاتب الثاقبة وإهتمامه بقضايا العمارة والعمران وجماليات الذوق العام أو لتعبتئته .. أى الكاتب .. بهموم الوطن والمواطن وإحساسه بها قبل ان تتفاقم إلى ما نحن عليه الآن ..  ، بالتأكيد هو أبشع عشرات المرات مما كان عليه الحال منذ 4 عقود .. ولكن الأرجح .. أننا لم نحرك ساكنا على صعيد الوطن وعلى صعيد الثقافة والنظافة والذوق العام والحضارة طيلة هذه الـ 4 عقود أو ربما يزيد .. الأمر الذى جعل مقال بهذه الصيغة وهذا الوصف يصف وضعا  كان قائما بالفعل - هو ربما يتطابق على  ما نحن فيه الآن
المقال هو ضمن كتابات الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين والذى جمعها جهاز التنسيق الحضارى فى كتاب واحد بعنوان (مقالات فى التنيق الحضارى ) إجلالا وتقديرا لهذا الكاتب وعرفانا برجاحة عقله...ورؤيته .. الذى إذا كُتب لها الفهم من القائمين على الحكم وقتها و وعوا بها لكنا نعيش اليوم فى مصر أخرى ..
 وأنا أقرأ الكتاب .. كل مقال معبأ بأفكار ومقالات أخرى ، بل أقول إن كل مقال يستحق أن يكتب عنه كتاب ولا أكون مبالغا ..إلا أن هذا المقال تحديدا (سالف الذكر) لمس عندى حادثا أعرفه ويعرفه 
الكثيرون .. وخصوصا أخر جزء فى المقال

 (، ويشعرون أن مخادعة القانون نوع من استرداد الحق ، وهكذا تكسر السلسلة ..فى القمم الاجتماعية ينتشر شعور الأنانية ، وبأن امتيازاتهم تنقذهم من مشاكل الجماهير العادية ، فتقع مئات التصرفات فى العمل والشارع والبيت تترك أثرها فى ضمير المواطن العادى ويشعر أنه مرة أخرى مغبون ، فيكون رد فعله إما رفض القواعد ، خرقها أحيانا وتحدى الذوق العام ، بالألفاظ النابية مثلآ كنوع من النكاية الخفية التى يقدر على كبح جماحها فى نفسه)

من منا لا يفهم هذا الجزء !!.. أو لا يشعر بتأثيره المباشر على يومه وحياته ؟! .. حتى لا أطيل .. الحادثة التى أقصد ..هى متعلقة برفض القواعد أو خرقها والألفاظ النابية – من منا لا يرى هذه المساوىء فى كل مكان اليوم ؟!
ويستنكر ويضرب كفا بكف ويتسائل .. لماذا وصلنا إلى هذا الحد من التخلف ؟! والهمجية ؟! لماذا سائقى الميكروباص والتوك توك تحديدا تخرج من أفواههم الألفاظ الذى يندى لها الجبين ويصمت الناس فى أغلب الأحيان خوفا من أن ينوبهم من هذه الألفاظ جانبا ..؟!
أحداث الواقعة ببساطة إن لم نعيشها يوميا، فا أنا قرأتها أو سمعت بها من صديق لا أتذكر !
أن أحدا كان يستقل توكتوك .. ولاحظ ان السائق يسب كل من يمر بجواره بأقذع الألفاظ فسأله (لماذا كل هذا السباب) ؟!
فقال له .. إسكت ياعم  إحنا أحقر ناس فى المجتمع كله بيدوس علينا – وكله عايز يخلص مننا- ومحدش عايزنا ناكل عيش حتى الظابط إللى المفروض بيحمينا نزل صاحبى من التوكتوك من  غير سبب وقاله يابن .......................وضربه وأهانه قدام الناس !!!!
سكت السائل !! وإنتهت القصة !
أعرفتم الآن لماذا وصلنا إلى ما نحن فيه ؟!
أأيقنتم الآن عبقرية بضع السطور المذكورة فى مقال الكاتب منذ 4 عقود !!

أدعوكم بكل حرص وصدق  لقراءة هذا الكتاب وفهمه فهو مفتاح لمشاكل لا تعد ولا تحصى فى مجتمعنا
المنســـ2ـــ10ـــ2012ـــــى






Tuesday, September 25, 2012

العمارة والحب



بين المحسوس والملموس (عوالم ) لا يذوق لذتها إلا من إرتقى بالإحساس ومع الإحساس .. بالروح ومعها .. عوالم خالدة وباقية!!
تعلمنا انا المادة تفنى .. والمادة تشغل حيز من الفراغ .. وعلى النقيض الروح باقية .. ولا نعلم انها تشغل حيز من الفراغ
بين المادة والروح .. بين الفانى والخالد .. بين العقل والقلب ..فى العلاقة بينهم .. وبين الحب والعمارة ..أتفكر!
العمارة
جامعة الفنون وربيبتها .. إذا نجح المعمارى فى نجاحها (عملية ولادتها من الوجدان إلى الواقع) وُصفت بالجمال ، (الجمال) كما يقول لوكوربوزييه هو النسب .. من رأى النسب بعينيه فقط لا يحسها .. ومن أحسها يراها بعمق أخر وبشكل مختلف .. أو ربما لا يراها ولكن يعيشها – ينظر إليها بإعجاب .. تستدعيه – تناديه – تناجيه – يذهب إليها فى تؤدة – تحتضنه فى هدوء وعمق دائمين لا يتغيران .. كلما إحتضنته كلما ذاب فيها ورقى بها ومنها – كلما إحتضنته أحبها أكثر .. حافظ عليها ومجدها وخلدها ورسم لها اللوحات وكتب فيها الأشعار وربما كانت الأشعار جزءا منها أو مرقوشا عليها.. هذه إبداعات جديدة تولد من بهاءها لا يشترط أن تكون أجمل من فى الكون فالحب ليس نتيجة للجمال -  وإن كان الجمال سبب من أسبابه - .ولا يشترط ان تكون الأعلى قامة ولكن يشترط ان تكون أجمل من حيث النسب وأمتن علاقة بينها وبين ما يحتويها من عمران وأعلى قيمة بعمرانها ...كلما رآها إذن .. هدأ روعه وإنفرجت أساريره وإرتاحت ملامحه .. كلها أحاسيس فقط أحاسيس، ولكنها تخلد فى عالم لا يعرفه إلا من يتذوق جمال النسب
عالم يجتذبك ويحتضنك ويحتويك (ماديا) ولكن تبقى الغاية التى تدهشك فى كل مرة محسوسة وليست ملموسة !!
الحب
سيد العلاقات بين الناس ليس بين الرجل والمرأة فقط ، (النسب)، تحكمه أيضا النسب .. وعمقها .. وتزيده التفاصيل غنا فوق غناه .. سمعنا قديما أن .. مراية الحب عامية .. ليس القصد أنه لا يرى من يحب ولكن العكس تماما هو مايحدث هو يرى جيدا (نسب الجمال فيمن يحب ) أو قل يحسها لإن الرؤية مادية و الكل يرى .. لكن هو الوحيد الذى أحس بالنسب (ذاقها) ومن ذاق عرف !!  .. أيضا كما تكلمنا عن النسب كرمز للجمال فى العمارة.. ..بل إنها تتعدى كونها رمزا وإنما هى أصل الجمال .. ذلك اللاشىء الذى هو كل شىء.. كما يقول لوكوربوزييه أيضا .. العمارة  الجامدة الصامتة التى تحكى دون أن تنطق وتحتضن دون أن تلمس وتسمعك دون ان تتكلم فالجدران لها لـــغة ولها من يفهم هذه اللغة أيضا ...وقتها وأنت مستمتع بعظمة الحوار بينك وبينها وبين من قام بإبداعها - تنسى أو تتناسى شىء لم يتقن هنا أو هناك ويظل تركيزك منصب على صورتها وهى تتهادى إليك فى ثبات كل مرة بنفس القوة لإن الدافع الذى يجعلك تتخيل هذا محسوس وليس ملموس الأمر أشبه بالذى يحب ما يعمل والذى لا يحب فالذى يحب يبدع فى مايعمل وتصبح فترة العمل هى الغاية والوسيلة والحياة .. نعم يعود عليه عائد مادى من ذلك ولكنه لا يكترث له منذ البداية .. الغاية كانت العمل ومشاعره تجاهه .. أما من ذهب ليتقاضى عائدا ماديا فى عمل لا يحب القيام به فقد فقد الروح فى إنتاج العمل وأنتج شيئا ملموسا ليس له روح لإن غايته كانت المادة على الأرجح ..نفس العلاقة بين البشر التى تحكمها نسب الجمال بمقاييس الروح وليست بمقاييس المادة .. (( الحلاوة حلاوة الروح )) ، مقاييس الروح التى تجعلك تشعر بالإفتقاد النفسى لشخص ما وتجعلك تتهافت عليه ، فعند رؤيته تتذكر سريعا فى أقل من ثانية حوارت من السنين دارت بينكم (تحس) سريعا بحنين جارف – تستعيد النسب – التى تحكم عمق العلاقة بينك وبينه – عمق العشرة وليس طولها  ودقة التفاصيل وليس كثرتها الذى يتولد عنه عمق وغنا فى المشاعر التى  تنتج الصورة – تجرى نحوه أو يجرى نحوك – تحتضنه فى عمق يساوى عمق النسب إذا تغيرت النسب .. تغير الإحساس النابع منها وتغير المضمون .. كل مقياس أو عمق نسبة ما يعطى إحساسا أخر أعمق أو أقل عمقا بعكس الإنسان الذى لا تعرفه (نسب) العلاقة لا ترتقى إلى العمق – لا يحدث نفس التهافت أو الشوق أو الإفتقاد ..لا تتحدث النسب .. لا تتحدث الأرواح ..ولكن يتحدث العقل (المادى) الذى يركز على الشكل المجرد من النسب المجرد من التفاصيل
ولذلك
وبنفس المبدأ العام لفكرة الروح والمادة .. إذا إرتبط الحب (المحسوس) بين المصمم المعمارى الذى يصنع النسب وبين ما يصممه  سيرتبط بطبيعة الحال بين المنتج النهائى وبين قاطنه أو مستخدمه الذى يحس بالنسب ، الذى يتلقى الرسالة من الجدران .. الرسالة التى إذا كانت مرسلة من وجدان المصمم ومن روحه وصلت  دون مقدمات إلى وجدان المستخدم الذى يتسبب فيما بعد فى تخليد العمل وحفظه تأثيرا فيه وتأثرا به ليس هدمه وفناءه
أما إذا إرتبط العمل المعمارى بالمادة أيا كان موقعها سواء كان بين المعمارى والمنتج أو بين المنتج والمستخدم .. فستكون العلاقة على النقيض.. والتى سترتبط بالفائدة المادية التى فى إجمالها ملموسة ،من الوارد هنا أن تكون ملموسة وجيدة لكنها لا تدوم ..
كذلك
العلاقة بين البشر إذا إرتبطت بالحب فى أساسها أو بالمشاركات النفسية وعمق النسب وعمق التفاصيل الذى ينتج أولا من جمال النفس الداخلى أو الجمال الداخلى لدى فرد عند أخر وثانيا من جمال التفاصيل الحياتية الناتج من (العشرة ) التى  تحدد نسبة الإفتقاد النفسى من علاقة لأخرى .. نتج عن ذلك غنا وإستمرارية وتخليدا للعلاقة حتى بعد الممات والفناء المادى .. أما إذا تحولت الفكرة وإنعكست وبقيت العلاقة المادية هى المسيطرة التى تتمثل فى الإفادة التى تعود من شخص على أخر أو العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة مثلا .. فتنتهى العلاقة أو المتعة منها بإنتهاء الغرض المادى من الحدوث
لذلك نجد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يتكلم عن السبعة الذى يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله .. منهم .. رجلان تحابا فى الله (دون النظر إلى الماديات )
إجتمعا عليه وتفرقا عليه .. صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ..وللحديث 
بقية فى علاقات أخرى 
المنســ20ـــ9ـــ2012ــــى