Sunday, October 11, 2009

ماهى العمارة


عندما سؤلنا هذا السؤال الإسبوع الماضى من قبل الدكتور مؤنس قد ذكرنى بأول مرة سؤلت فيها هذا السؤال منذا عامين وبالتحديد فى أول أجازة صيف فى الكلية فى أول عهدى بالتدريب فى الموقع وفاجئنى المهندس وانا أسرد له البرامج التى تمت دراستها مثل الأوتوكاد والتى سيتم دراستها مثا الثرى دى مكس والفوتوشوب وقال لى إيه ده إيه ده (هى العمارة رسم )رديت عليه بثقة الفاهم والدارس معا (لأ طبعا العمارة تصميم )وأستمر بعدها فى الضحك حتى ظننت أنى خفيف الظل وبعد ما ما إنتهى من الضحك بص لى وقالى عارف يامحمد إنت عملت زى إيه قلت له إيه (قال لى إنت عملت زى إللى بيسألوه هى الللغة كلمات قال لهم لأ اللغة حروف وإستمر فى الضحك ثانية ولم يبدى لى مامعنى العمارة ....
إذن ما معنى العمارة هل هى فن أم علم وما علاقتها بالفنون الأخرى هذا ما سنحاول الإجابة عنه ؟
العمارة كما قال المعمارى المصرى عرفان سامى هى فن علمى والفن فيها يسبق العلم لإنه كان يستطيع هنا أن يقول هى علم فنى ولكن العمارة مثل السياسة لا يكون فى العلم رقم واحد فلكوربيزييه الفنان المعمارى زاول الفن المعمارى وهو لم يدرس الفنون من الأساس
فالعمارة أم الفنون والسياسة أب لهذه الفنون
يقول مارتن لوثر عن العمارة هى سجل للعقائد عقائد المجتمعات والشعوب ويقول فيكتور هوجو هى المرآة التى تنعكس عليها ثقافات الشعوب ونهضتها وتطورها ومعنى ذلك أن العمارة هى صورة للمجتمع .
صورة طبقا للأصل صورة تنقل نفسها بنفسها لا تسمح إلى كاتب أو مؤرخ أو رحالة ليكتب عنها فهى الناطقة بكل اللغات وهى فى الأصل صامتة صامدة ثابتة جميلة تتحدث داءما عن نفسها .هى التاريخ الصحيح الذى لا يمليه أحد على مؤرخيه هى فعلا حقيقة حقيقة لا تخدع ولا تكذب ولا تتجمل
ومن وجهة نظرى المتواضعة فالعمارة فكر كالسياسة بالضبط عمارة الشعوب وفنون الشعوب هى إنعكاس لثقافات وفكر هذه الشعوب وكيف كان يفكر هؤلاء ولا يمكن للمعمارى أو للسياسى أن يقبعوا فى برجهم العاجى بعيدا عن الحياة العامة لمواطنيهم فالمعمارى هو المنظم والثرموستات لكل أنماط الحياة اليومية
فهو مع الطبيب من باب المستشفى إلى غرفة العمليات مع الإمام والخطيب فى المسجد مع المتعبد فى محرابه وإحساسه بالقرب من ربه والخشوع والخضوع والذل بين يدى خالقه .كل ذلك يفعله المعمارى فى إطار فنى فائق الجمال والدقة والإتقان وهو أيضا مع المعلم فى المدرسة والأستاذ فى الجامعة والعامل فى المصنع هو مع الزائر فى الفندق هو مع كل فرد فى عمله وبيته وفى غرفة نومه فإذا لم يحسن المعمارى تخيله وهو يعيش فى هذا المكان فإنه قد يخل بأهم عامل من عوامل نجاح العمارة وهو الوظيفة وظيفة الحيز المعمارى تماما كالسياسى مع كل الناس فى حياتهم اليوميه ولكن بشكل مختلف
فالمعمارى ينظم حركة كل الناس ويوفر لهم سبل الراحة والسرعة والأمان كى تستمر الحياة ناجحة وفعالة والسياسى مشرف على ذلك أحيانا ومنغمس في مشاكله أحيانا أخرى
فإذا كان السياسى بارع وناجح سيكون تفكيره فى حل المشكلات فى وقت أقل وسرعة أكبر ودقة وروؤية أوضح وبالتالى ستكون فترة إشرافه أكبر
أما إذا كان كسياسيونا المعاصرين لا يفكر ولا يرى ولا يسمع غير صوت نفسه ولا يعمل إلا لأجل مصلحة شخصية أو غيرها فهو دائما منغمس فى مشاكل لا حصر لها ومتسبب فى مشاكل لكل فرد من مواطنيه ويتحول من مشرف ومنظم إلى أفشل فاشل فى حل المشاكل
وبما أن العمارة هى المرآة التى تنعكس عليها ثقافات الشعوب وبما أن الحياة السياسية هى المتحكم الأوحد فى مدى تطور ثقافات هذه الشعوب ومصرنا أكبر دليل (واللى مش حدق هايفهم ). كالأب تماما فى المنزل هو المتحكم فى كل شىء وتعكس الأم ذلك فى تربية الأبناء فإذا صحت إدارة الأب صحت تربية الأم وصحت أخلاق وثقافات الأبناء والعكس بالعكس صحيح وإذا صحت الحياة السياسية فى بلد ما وإتسمت بالحرية لا سمح الله والعدل لا قدر الله . لا القهر والظلم فستكون المرآة العاكسة لذلك وهى العمارة سنرى فيها وجه ناصع ناضج بشوش بسام تنطلق منه العبقرية والإبداع والحرية .... لا وجه متشاءم عبوس مظلم مكتئب ينطلق منه الضيق والقهر والملل .....
وأخيرا أى فنان بطبيعته معارض دائما بداخله ثورة تهيج أحيانا وتهدأ أحيانا أخرى ولكنه دائما يصرخ بالتغيير فإذا أتيح له ذلك سياسيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى
أسعد وطنه وبنى حضارته وصنع تاريخه ومستقبله وغير كل طرق العلم والتعلم بداخله
ولكن
إذا قهر الأب هذه الأم المسكينة والمغلوب على أمرها بديكتاتوريته وظلمه إذا فلا أمل ولا سبيل إلى الرجوع فستظل الخطوات تائهة لا تدرى إلى أين تذهب وستصبح حياة هذه الشعوب بلا لون ولا طعم ولا رائحة
المنســــــ 9 ــــــ 10 ــــــ 2009 ـــــى

No comments: