نعم الذوق العام يبدأ من القمم ثم يتسسلل،لأن الناس يقلدون الذين هم ( فوق)
.
فى القمم الأجتماعية، نجد الأسرة على الشاطئ مثلآ لابد أن يأتيها الطعام
كاملآ يقدمه السفرجى فى ثيابه الزاهية ! الشاطئ ليس مطعمآ ولا صالونآ ولكنه رياضة
وراحة وبساطة .
إنه ليس مكانآ لخلع الثياب ، بل لخلع التكلف والمظاهر والعقد النفسية ورموز التفوق الاجتماعى . ولكن لا أحد يفعل
هذا...
ومن يأتون بعدهم فى الطابور الاجتماعى ،يقلدون ، حسب قدرتهم بالطبع ، ولكن
جوهر الفكرة البعيدة عن فكرة الشاطئ والراحة والتغيير والتخفف هو نفس جوهرها ، وإن
إختلفت ترجمته من طبقة إلى طبقة.
فى القمم الاجتماعية توجد الرغبة فى الشعور بأنهم فوق القانون ، حتى ولو
كان القانون لدفع قروش لدخول الشاطئ ..
ولكن التسهيلات والبطاقات المجانية تصرف لهم ،
فيشعر من بعدهم أنهم مظلومون لو احترموا القانون ودفعوا ، ويشعرون أن
مخادعة القانون نوع من استرداد الحق ، وهكذا تكسر السلسلة ..فى القمم الاجتماعية
ينتشر شعور الأنانية ، وبأن امتيازاتهم تنفذهم من مشاكل الجماهير العادية ، فتقع
مئات التصرفات فى العمل والشارع والبيت تترك أثرها فى ضمير الموطن العادى ويشعر
أنه مرة أخرى مغبون ، فيكون رد فعله إما رفض القواعد ، خرقها أحيانا
وتحدى الذوق
العام ، بالألفاظ النابية مثلآ كنوع من النكاية الخفية التى يقدر على كبح جماحها
فى نفسه
................................................................................
قد يتبادر إلى ذهنك فى الوهلة الأولى وأنت تقرأ هذا المقال أنه وليد اللحظة
وأنه كتب بالأمس على الأرجح
ولكن الحقيقة أنه كتب فى ديسمبر لعام 1974 .. مايقارب الأربع عقود !!..
وهذا إن دل على شىء يمكن أن يكون لرؤية الكاتب الثاقبة وإهتمامه بقضايا
العمارة والعمران وجماليات الذوق العام أو لتعبتئته .. أى الكاتب .. بهموم الوطن
والمواطن وإحساسه بها قبل ان تتفاقم إلى ما نحن عليه الآن .. ، بالتأكيد هو أبشع
عشرات المرات مما كان عليه الحال منذ 4 عقود .. ولكن الأرجح .. أننا لم نحرك ساكنا
على صعيد الوطن وعلى صعيد الثقافة والنظافة والذوق العام والحضارة طيلة هذه الـ 4
عقود أو ربما يزيد .. الأمر الذى جعل مقال بهذه الصيغة وهذا الوصف يصف وضعا كان قائما
بالفعل - هو ربما يتطابق على ما نحن فيه
الآن
المقال هو ضمن كتابات الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين والذى جمعها جهاز
التنسيق الحضارى فى كتاب واحد بعنوان (مقالات فى التنيق الحضارى ) إجلالا وتقديرا
لهذا الكاتب وعرفانا برجاحة عقله...ورؤيته .. الذى إذا كُتب لها الفهم من القائمين
على الحكم وقتها و وعوا بها لكنا نعيش اليوم فى مصر أخرى ..
وأنا أقرأ الكتاب .. كل
مقال معبأ بأفكار ومقالات أخرى ، بل أقول إن كل مقال يستحق أن يكتب عنه كتاب ولا
أكون مبالغا ..إلا أن هذا المقال تحديدا (سالف الذكر) لمس عندى حادثا أعرفه ويعرفه
الكثيرون .. وخصوصا أخر جزء فى المقال
(، ويشعرون أن
مخادعة القانون نوع من استرداد الحق ، وهكذا تكسر السلسلة ..فى القمم الاجتماعية
ينتشر شعور الأنانية ، وبأن امتيازاتهم تنقذهم من مشاكل الجماهير العادية ، فتقع
مئات التصرفات فى العمل والشارع والبيت تترك أثرها فى ضمير المواطن العادى ويشعر
أنه مرة أخرى مغبون ، فيكون رد فعله إما رفض القواعد ، خرقها أحيانا وتحدى الذوق
العام ، بالألفاظ النابية مثلآ كنوع من النكاية الخفية التى يقدر على كبح جماحها
فى نفسه)
من منا لا يفهم هذا
الجزء !!.. أو لا يشعر بتأثيره المباشر على يومه وحياته ؟! .. حتى لا أطيل .. الحادثة
التى أقصد ..هى متعلقة برفض القواعد أو خرقها والألفاظ النابية – من منا لا يرى هذه
المساوىء فى كل مكان اليوم ؟!
ويستنكر ويضرب كفا بكف
ويتسائل .. لماذا وصلنا إلى هذا الحد من التخلف ؟! والهمجية ؟! لماذا سائقى
الميكروباص والتوك توك تحديدا تخرج من أفواههم الألفاظ الذى يندى لها الجبين ويصمت
الناس فى أغلب الأحيان خوفا من أن ينوبهم من هذه الألفاظ جانبا ..؟!
أحداث الواقعة ببساطة إن
لم نعيشها يوميا، فا أنا قرأتها أو سمعت بها من صديق لا أتذكر !
أن أحدا كان يستقل
توكتوك .. ولاحظ ان السائق يسب كل من يمر بجواره بأقذع الألفاظ فسأله (لماذا كل
هذا السباب) ؟!
فقال له .. إسكت
ياعم إحنا أحقر ناس فى المجتمع كله بيدوس
علينا – وكله عايز يخلص مننا- ومحدش عايزنا ناكل عيش حتى الظابط إللى المفروض
بيحمينا نزل صاحبى من التوكتوك من غير سبب
وقاله يابن .......................وضربه وأهانه قدام الناس !!!!
سكت السائل !! وإنتهت القصة !
أعرفتم الآن لماذا وصلنا
إلى ما نحن فيه ؟!
أأيقنتم الآن عبقرية بضع
السطور المذكورة فى مقال الكاتب منذ 4 عقود !!
أدعوكم بكل حرص وصدق لقراءة هذا الكتاب وفهمه فهو مفتاح لمشاكل لا تعد ولا تحصى فى مجتمعنا
المنســـ2ـــ10ـــ2012ـــــى
No comments:
Post a Comment